قراءة في بيان الفصائل بالقاهرة

قراءة في بيان الفصائل بالقاهرة
العصا أم الجزرة ..
لطالما كانت الساحة الفلسطينية تعاني من التشظي والانقسام في صفوف الفصائل والقوى على مختلف توجهاتها و ايديولوجياتها منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة العام 1965 ضد المشروه الصهيو أمريكي الرجعي في فلسطين والمنطقة فإن ما صدر عن اجتماع عدد من الفصائل بالقاهرة أمس الخميس لم يأت بجديد على صعيد المصالحة الوطنية والحوارالوطني والوحدة الوطنية رغم أن المأمول كان ينبغي أن يرتقي الى مستوى التضحيات الجسام التي يقدمها الشعب الفلسطينية راهنا و خاصة في قطاع غزة و الضفة الغربية المنكوبين بفعل ممارسات الاحتلال الصهيوني ضد الارض و الانسان فيهما .
سبعة فصائل فلسطينية استضافتهم القاهرة في راهن عصيب يتطلب قرارات مصيرية ازاء الصراع الوجودي مع العدو الصهيوني الذي يتحدى اليوم المجتمع الدولي ، كما في كل المراحل التي خلت من عمر هذا الصراع حيث حرب الابادة مستمرة لا بل تتصاعد مع كل بيان شجب واستنكارمن قبل الفصائل والقوى الفلسطينية وجامعة الدول العربية والامم المتحدة .
كان لا بد من هذا التقديم لأن القضية الفلسطينية تتعرض لمؤامرة كبيرة تهدف الى تصفيتها تتسق مع مشروع تفتيت الوطن العربي الجاري تنفيذه الى دويلات وكانتونات عبر مؤامرة تغيير الخرائط في المنطقة من خلال ما يسمى الربيع العربي الذي مضى عليه ما يقرب من عقد ونصف يحاول رئيس وزراء العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو أن يحقق النصر على كل مكونات المنطقة و العالم قبيل حلول العام 2026 بالاعلان عن ( اسرائيل الكبرى ) .
في قراءة البيان الختامي لاجتماع الفصائل و القوى الفلسطينية السبعة في القاهرة لا بد من وضع النقاط على الحروف عبر تسجيل ما يلي :
– أكدت الفصائل والقوى تجاوبها مع كل المبادرات والمقترحات لوقف العدوان على قطاع غزة. وشددت على أن أولويتها القصوى في هذه المرحلة، وقف الإبادة الإسرائيلية، ورفع الحصار، وضمان دخول المساعدات.
لا جديد في هذا الامر بعد مرور أكثر من عام و نصف العام على حرب الابادة الصهيونية في قطاع غزة بل على العكس نجد الاحتلال يزيد من تعنته و يصرعلى احتلال القطاع و تشريد الفلسطينيين بهدف تحقيق مؤامرة الرئيس الامريكي دونالد ترامب بجعل غزة منتجعا سياحيا و في ذات الوقت نهب ما تكتنزه في باطنها من نفط و غازوشق فناة بن غوريون و غير ذلك من الاهداف الصهيونية الامريكية الرجعية و من اجل ذلك سنشهد مزيدا من المماطلة و المراوغة النتنياهوية الترامبية مقابل مرونة المقاومة الفلسطينية في كل مرحلة من مراحل المفاوضات حول صفقة تبادل الاسرى في مرحلتها الثانية ووقف العدوان الصهيوني و اعادة اعمار غزة بمعنى واضح أن يصل اطراف المؤامرة الى أن يكون( اليوم التالي ) في غزة صهييونيا بامتياز .
– دعا المجتمعون مصر إلى رعاية اجتماع وطني طارئ يضم كافة القوى الفلسطينية، بهدف الاتفاق على استراتيجية وطنية موحدة لمواجهة مخططات الاحتلال، وتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني في الحرية وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس. وشددوا على أن الأولوية القصوى في هذه المرحلة “هي الوقف الفوري والشامل للعدوان، ورفع الحصار الظالم عن قطاع غزة، وضمان دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية فورا بشكل آمن ودون عوائق.
كما أسلفنا فإن حديث المصالحة والحواروالوحدة الوطنية في الساحة الفلسطينية بات لا يسمن و لا يغني من جوع . و كل له مراميه من الاصرار على تحقيق ذلك من فصائل وطنية وقومية ويسارية و اسلامية وأحزاب وقوى أخرى وسلطة قابعة في رام الله .
فلا حرية ولا دولة مع استمرار الاحتلال و لا قدس موحدة عاصمة لهذه الدولة و هنا السؤال الذي يفرض نفسه : لماذا لم تحدد الفصائل السبعة في بيانها ماهية الدولة المستقلة وعلى اي ارض يمكن أن تقام.
رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس شدد أمس (الخميس)، على ضرورة تسليم كافة الفصائل الأسلحة لسلطته وقال “لا نريد دولة مسلحة”، تحت مبدأ “نظام واحد وقانون واحد وسلاح شرعي واحد”، بحسب ما أوردته وكالة “وفا” الفلسطينية.
وطبعا شدد عباس خلال استقباله نائب وزير خارجية اليابان البرلماني ماتسوموتو هيساشي، في رام الله، على ضرورة تحقيق الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار، والإسراع في إدخال المساعدات الإنسانية لوقف “حرب التجويع”، والإفراج عن “الرهائن” والأسرى، وتولي دولة “فلسطين” مسؤولياتها المدنية والأمنية كاملة في قطاع غزة. يعني هناك بعض المشتركات بين الفصائل والسلطة في الدعوات ازاء عدد من الاهداف المراد تحقيقها اليوم وفي المرحلة المقبلة في الضفة الغربية و قطاع غزة و لكن لكل طرف نهجه في الظرفين الذاتي والموضوعي في الوقت الحالي علما أن النداءات والدعوات الفلسطينية لم تتغير منذ عقود طولة خلت في هذا المقام وإن كانت تطرح بصياغات مختلفة في كل مرحلة .
– شددت الفصائل، على أن “ما يسمى (رؤية إسرائيل الكبرى) التي أكد عليها رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، هي مشروع توسعي صهيوني يهدد الأمن القومي العربي وحقوق الشعب الفلسطيني، ويستهدف مصر والأردن والمملكة العربية السعودية وسوريا والعراق ولبنان على وجه الخصوص، ويتطلب تضافر الجهود العربية لإفشاله وحماية الأمة.
أشرنا الى ذلك فيما سلف و بات هذا المشروع معلوما لدى كثيرين في المنطقة والعالم والجميع يحذرون منه في ظل صمت دولي مطبق في الان عينه ، لا بل يقدم كثير من الرسميات العربية و الاجنبية كل التسهيلات الى الاحتلال الصهيوني من اجل تحقيق هذا الهدف عبر انخراط مزيد من الرسميات العربية و الاسلامية في مسار التطبيع مع هذا الاحتلال حيث ذكر رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو أن عشر دول عربية جاهزة للتطبيع مع كيانه فور وقف الحرب في غزة .
– حذرت الفصائل، من المخطط التهويدي الصهيوني في الضفة المحتلة، الذي يسعى لفرض السيطرة الكاملة، وتهجير السكان، ومصادرة الأراضي، وإدخال ملايين المستوطنين ضمن مخطط إحلالي متدرّج. وأكدت على ضرورة وضع خطط وطنية عاجلة لمواجهة هذا المشروع وحماية الوجود الفلسطيني والعربي وإجهاض المخططات الاستعمارية.
وأكدت هذه الفصائل أن مواجهة المخططات الصهيونية في الضفة وغزة تتطلب بناء وحدة وطنية حقيقية وجدية.
في السياق يستمر تنفيذ مخطط الاستيطان الصهيوني على الارض بالتزامن مع حرب الابادة والتهجير في الضفة و القطاع و كل القوى و الفصائل في الساحة الفلسطينية تنادي بضرورة مواجهة هذا المخطط وبناء وحدة وطنية حقيقية وجدية.
لقد أسمعت لو ناديت حيا ، ولكن لا حياة لمن تنادي.
هذا هوحال الساحات الفلسطينية والعربية والاسلامية .. مزيد من التشظي والانقسام والخنوع والانهزام الا من رحم ربي و هم قلة قليلة جدا ، سيكون أبناء فلسطين من مقاومين و شرفاء رافعة لهم في مواجهة التحديات والمؤامرات وفي الصبر والصمود و تحقيق النصر الناجز على المشروع الصهيو أمريكي الرجعي في المنطقة.. وإن غدا لناظره قريب .
للاشارة فقط.. الفصائل التي شارك في اجتماع القاهرة و الموقعة على البيان هي (حركة حماس، الجهاد الإسلامي، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، تيار الإصلاح الديموقراطي في حركة فتح، الجبهة الشعبية القيادة العامة، المبادرة الوطنية الفلسطينية، لجان المقاومة الشعبية).. بقي على القراء أن يتساءلوا لماذا لم يحضر الجميع من فصائل وقوى وسلطة ، هذا الاجتماع؟
عبدالله الحسين
نابلس : فلسطين المحتلة

Leave a Reply