#كلمتين_زغار – بساعة سمّاعة: مبعوثة 2.0
فجأة، امتلأت شاشات الأخبار وصفحات التحليل بـ”العواجل” و”المصادر الموثوقة” و”التسريبات الحصرية”: المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس عائدة لاستلام الملف اللبناني من جديد! هكذا، وكأن تغيّر الاسم يعني تغيّر المهمة، وكأن السيدة صاحبة الخاتم عائدة من نفيٍ اختياري لتحمل مفتاحًا جديدًا لمستقبل لبنان، لا نسخة معدّلة من المفتاح الأميركي ذاته.
عاد بعض الإعلاميين، كأنما استيقظوا من سباتٍ قصير، ليصدحوا بنشيد “المرحلة الحساسة”، “التحوّل الكبير”، و”الملف الشائك”. صراخ، تهويل، ومهرجانات التحليل المجاني، كلّها تعزف اللحن ذاته: أن في عودة أورّتاغوس ما يستحق الوقوف والانبهار. ولكن، ماذا سيتغيّر فعلًا؟
إنه المشهد ذاته يتكرّر، بمبعوث مختلف وربطة عنق جديدة أو خاتم أكثر لمعانًا. فتوماس باراك الذي خلفها قبل شهور، لعب الدور نفسه بأسلوب أقل صخبًا وأكثر براغماتية، لكنه لم يخرج عن النص الأميركي. أورّتاغوس صرّحت أن هيز بللا “هُزم عسكريًا”، وباراك قال أنه “شأن لبناني داخلي”. لكن كليهما حمل نفس الرسالة: نزع سلاح هيز بللا، إعادة ترتيب ميزان القوى، وربط الدعم بالتنازلات.
هم أشبه بفرقة تتابع رياضية، كلّ منهم يُسلّم “علم المهمة” للذي يليه. لا أحد يخرج عن خطّ السباق، ولا أحد يبدّل المسار. الهدف ذاته، الركض ذاته، والميدان… ذاته.
الخطير هو أن اللبنانيين، في كل مرة، يتعاملون مع المبعوث الجديد كأنه يأتي من كوكبٍ آخر، حاملاً نوايا مختلفة، وغافلين عن حقيقة أن السياسة الأميركية ليست مزاج دبلوماسي، بل استراتيجية مدروسة لا تتغيّر بتبدّل الوجوه.
الضجيج سيعود. التحليلات ستُنفخ. الخطابات ستُلقى. لكنّ الجوهر سيبقى كما هو، شاء من شاء وأبى من أبى.
لذلك، فإن السؤال الحقيقي لا يجب أن يُطرح عن أورّتاغوس أو باراك أو من سيأتي بعدهما. بل عن اللبنانيين أنفسهم: إلى متى سيظلون يتعاملون مع كل هبوط دبلوماسي في المطار كأنه “فتح تاريخي”؟ متى سيفهمون أن خلاصهم لن يُحمل إليهم في حقيبة دبلوماسي، بل يُصنع بإرادتهم الوطنية وشراكتهم الحقيقية في ما بينهم؟
لبنان لا يحتاج لمبعوث جديد. يحتاج لضمير جديد.
#مقال
#السيد_حسن_السيد
#sayedhassansayed