بين “فتح” و”حماس”:

بين “فتح” و”حماس”:
الجزائر🇩🇿✌ لا تتخلى عن فلسطين 🇵🇸✌بل تدعو إلى وحدة البندقية والكلمة
في زمنٍ تتساقط فيه أوراق التوت عن كثير من المواقف والشعارات، تبقى القضية الفلسطينية – بكل رمزيتها ومعاناتها وصمودها – مرآةً تعكس عمق الأزمات والتصدعات التي تُنهك الأمة، وفي قلبها التوتر القائم بين فصائلها الوطنية. وفي مقدّمتها الخلاف القائم والمؤلم بين حركتي فتح وحماس، حيث تتسارع الاتهامات، وتتصاعد الحملات الإعلامية، في وقتٍ أحوج ما يكون فيه الشعب الفلسطيني إلى وحدة الصف والقرار والبندقية.
الانقسام الفلسطيني: مأساة يتغذى عليها الاحتلال
الانقسام الفلسطيني ليس حديث العهد، لكنه بات في الآونة الأخيرة يأخذ أبعادًا مقلقة، خاصة بعد الحرب الأخيرة على غزة، حيث وجّه بعض الفلسطينيين – عن قناعة أو بدافع الألم – انتقادات حادة إلى فصائل المقاومة، خصوصًا حماس، متّهمين إيّاها بأنها السبب في دمار القطاع، بينما دافع آخرون عن شرعية مقاومة الاحتلال بكل الوسائل الممكنة، مؤكدين أن المقاومة ليست خيارًا، بل قدرًا مفروضًا.
في هذا المشهد المعقّد، يتوه الخطاب الوطني العقلاني، وتُستنزف الطاقات في نزاعات داخلية، بينما يستمر الاحتلال في القتل والتدمير وبناء المستوطنات، دون أن يفرّق بين من يحمل بطاقة “فتح” أو “حماس”.
الجزائر… مع فلسطين لا مع الفصائل
في خضم هذه التوترات، بدأت بعض الأصوات تتهم الجزائر بأنها “لم تدعم حماس بما يكفي” أو أنها “تنحاز إلى طرف دون الآخر”، وهي اتهامات لا تصمد أمام حقيقة الموقف الجزائري الثابت عبر عقود.
الجزائر، التي سطّرت أعظم ملحمة تحررية في القرن العشرين، لم تكن يومًا خصمًا لأي بندقية تُوجه صوب الاحتلال الصهيوني، ولم تتورّط أبدًا في لعبة المحاور الفصائلية، بل حافظت على مسافة متوازنة من الجميع، لأن رهانها الحقيقي هو على وحدة الشعب الفلسطيني لا على تفوق فصيل على آخر.
لقد احتضنت الجزائر إعلان قيام الدولة الفلسطينية عام 1988، وفتحت أبوابها دومًا للقيادات الفلسطينية دون استثناء، واعتبرت أن دورها لا يقتصر على الدعم السياسي والمالي فحسب، بل يمتد ليكون جسرًا للتقريب بين الإخوة المتخاصمين، لا حَكمًا يُدين هذا ويدين ذاك.
وجهة النظر الجزائرية: الوحدة شرط التحرير
الجزائر تُدرك جيدًا أن لا نصر في ظل الانقسام، ولا مقاومة فعّالة دون تنسيق، ولا دعم خارجي مثمر في ظل الانقسام الداخلي. ومن هنا، فإن الجزائر لا تتبنّى طرفًا على حساب الآخر، بل تسعى بكل ما تملك من ثقلٍ سياسي وتاريخي إلى إعادة بناء الثقة بين الفرقاء الفلسطينيين، وتشكيل رؤية وطنية جامعة تُنهي زمن التخوين والشتائم، وتؤسس لمرحلة جديدة عنوانها: “كلنا مقاومة، وكلنا فلسطين”.
خارطة الطريق التي تقترحها الجزائر تبدأ من:
1. وقف كل أشكال التحريض الإعلامي المتبادل فورًا.
2. دعوة عاجلة لحوار وطني شامل برعاية دولية/عربية حيادية تكون الجزائر جزءًا منها.
3. اتفاق على برنامج سياسي مشترك لا يُقصي أحدًا، ويجمع بين الكفاح السياسي والمقاومة المسلحة.
4. تشكيل قيادة وطنية موحدة تقود المرحلة المقبلة برؤية واحدة وهدف واحد.
5. التركيز على العدو المشترك بدل التفرغ للصراعات الهامشية.

الجزائر لا تعادي من يقاتل الاحتلال… بل تُجِلّه
إن الجزائر لا تعادي من يرفع بندقيته في وجه المحتل، ولا تُقصي من يحمل مشروع الدولة، بل تحترم جميع المسارات حين تكون بوصلتها واحدة: التحرير والكرامة. وهي حين ترفض الاصطفاف الفصائلي، لا تعني الحياد السلبي، بل تؤكد أنها مع كل فلسطين، لا مع فصيل دون آخر.
الجزائر تفتح قلبها لكل مقاوم، ولكل سياسيٍّ فلسطيني حريص على شعبه، لكنها ترفض أن تتحول إلى ساحة لتصفية الحسابات، وتُدين كل خطاب يُحوّل الخلاف السياسي إلى شتائم تمس كرامة الشهداء والأسرى، أو تُضعف الروح الجماعية للمقاومة.
في الختام…
ما بين غزة ورام الله، ما زالت فلسطين تنتظر، لا تنتظر صواريخ فقط، بل تنتظر ميثاق شرف، ووحدة قرار، وحوار رجال دولة لا خنادق شتائم.
الاحتلال لا يفرّق بين أبناء فتح أو حماس، بل يستهدف الجميع، والحرية لا تنبع إلا من صدور موحّدة، لا قلوب مشتتة.
فلتكن رسالتنا للفلسطينيين كما هي دوماً: نحن معكم، ومع مقاومتكم، ومع وحدتكم… ولسنا خصوماً لأحد، بل جنود في معركة التحرير الشاملة.
✒️ مراد أبو محمد (S. M)
مهتم بالشأن العربي – الجزائر
22 يوليو 2025

Leave a Reply