عنوان مقترح: بصيغه الاولى
من فلسطين إلى العواصم العربية: دعوة لوحدة الوعي والسيادة
بقلم: ✍️مراد أبو محمد
S. M
لطالما كانت القضية الفلسطينية مرآةً تعكس ضمير الأمة العربية، ومِحكًا يُقاس به صدق المواقف وشرف الانتماء. وقد أثبتت الجزائر عبر عقود، دون ضجيج إعلامي، أنها قلب نابض لفلسطين، تُجسد المبدأ ولا تساوم عليه، وتضع الحق الفلسطيني في صلب أولوياتها الوطنية والدبلوماسية.
لكن… ورغم قداسة فلسطين، فإن الأمانة اليوم تقتضي أن نُوجّه البوصلة نحو سؤال أشمل: ماذا بعد؟ وكيف نحمي أنفسنا كأمة من الانهيار القادم من بوابات الهيمنة الغربية؟
إن ما تشهده منطقتنا العربية من محاولات مستميتة لاستنزاف مقدراتها وثرواتها، لا يقتصر على فلسطين فقط، بل يُهدد مصر في أمنها المائي والغذائي، ويضغط على السعودية اقتصاديًا واستراتيجياً، ويحاول تطويق الجزائر سياديًا عبر أطراف إقليمية ودولية تخدم مشاريع التفتيت والاستتباع.
ما نعيشه ليس مجرد استهدافات متفرقة، بل هو مشروع ممنهج، عنوانه: “إبقاء العرب خارج معادلة القرار العالمي، وتحت سيطرة الاقتصاد الغربي.”
لهذا، فإن أي خطاب لا يستند إلى تفاهم عربي مشترك، وتنسيق سياسي وأمني واقتصادي بين الجزائر ومصر والسعودية على وجه الخصوص، سيكون مجرد ترف لغوي لا يواجه الواقع المرير.
فالأمن القومي المصري مرتبط عضوياً بسلامة الحدود الليبية والجنوبية، وهو امتداد للأمن الجزائري والمغاربي، كما أن استقرار الخليج ضرورة جزائرية ومصرية. أما فلسطين، فهي الوجدان الذي إن طُعن، تفرّق الجسد كله.
نحن لا نبحث عن وحدة وهمية، بل عن تنسيق استراتيجي عقلاني، يُبنى على احترام الخصوصيات، ويُوجّه بوصلة القرار نحو التحرر من التبعية الاقتصادية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وتحصين القرار السياسي من الاختراقات.
لقد آن الأوان لتأسيس رؤية عربية سيادية، تحاكي تجربة الاتحاد الأوروبي، لا من حيث الشكل، بل من حيث الثقة في الذات، وتوحيد الجهود أمام خطر مشترك. فالغرب لا يُفرق بين نفط سعودي أو غاز جزائري أو موقع استراتيجي مصري؛ هو يراهم جميعاً ككنوز يجب تطويعها.
لذلك، فإن الرسالة التي نبعث بها اليوم من رحم التجربة الفلسطينية، هي دعوة للصحوة. صحوة شعوبنا، ونخبنا، ومؤسساتنا. صحوة تقول: لا كرامة لأمة تُستنزف، ولا سيادة لدولة دون عمق عربي حقيقي، ولا نهضة دون وعي استراتيجي شامل.
فلنكتب معاً، لا بيان عاطفة، بل عهد وعي. تحمل هذه الروح الجامعة:
“وفي خضمّ هذا المشهد المضطرب، لا بد أن نُدرك أنَّ قوة الأمة العربية لا تختصر في ثلاث دول فقط، بل هي موزعة في كل زاوية من زوايا الوطن الكبير، من المحيط إلى الخليج. فـكل بلد عربي، مهما كانت مساحته أو موقعه، يمثل ركيزة أساسية في مشروع النهوض، وله دوره الفعّال في بناء البيت العربي المشترك.
نحن لا ندعو إلى محورٍ يُقصي، بل إلى جبهة تُشرك الجميع، بروح الاحترام والتكامل، لا التنافس والتنازع. فالسودان بعمقه النيلي، وليبيا ببوابتها الصحراوية، وتونس بثقافتها الحيّة، والمغرب بروافده التاريخية، والخليج بثرواته ورؤيته، والشام بمركزه الحضاري… كلهم لبنات في جدار السيادة والكرامة.
وإننا إذ نوجه الخطاب للقيادات والنخب، فإننا نحرص على حفظ كرامة الشعوب، وعدم المساس بأي طرف. لأن هدفنا ليس التشهير، بل التحفيز… وليس النقد من أجل الهدم، بل من أجل البناء. ومن واجبنا الأخلاقي أن نضع يدنا على الجرح، دون أن نُهين صاحب الجسد.”