كتب إسماعيل النجار..
قرارات الحكومة وضغط الصهيونيه المسيحيه من جهة، ومواقف حزب الله من جهة أخرى، هل يقف لبنان على أعتاب مواجهة شاملة؟
وخصوصاً أنه يشهد في الآونة الأخيرة تصعيدًا سياسيًا وأمنيًا بالغ الحساسية، على خلفية قرار حكومة نواف سلام تكليف الجيش اللبناني إعداد خطة لاحتكار السلاح وحصره بالمؤسسات الرسمية، مع تحديد نهاية عام 2025 كموعد نهائي لتنفيذها.
هذه الخطوة، التي لاقت تأييدًا من قوى سياسية معارضة لسلاح المقاومة، اعتبرها الحزب بمثابة تحدٍ مباشر له ولوجوده العسكري في وجه إسرائيل، ما أثار تساؤلات عميقة في الأوساط المحلية والدولية حول مستقبل الاستقرار في لبنان، رغم أن حزب الله يمتلك قدرة تنظيمية وشعبية واسعة تخوّله تحريك الشارع في أي وقت، إلا أن المؤشرات الحالية ترجح أن الحزب سيلجأ إلى التهدئة أولاً ثم يعتمد أساليب الضغط السياسي والإعلامي، وربما المظاهرات المحسوبة، قبل الإقدام على مواجهة مفتوحة تهدف لإسقاط حكومة نواف سلام.
تاريخيًا، يُفضل الحزب تجنب الانقلابات الشارعية الصريحة لما تجره من أثمان سياسية ودبلوماسية، مفضلًا سياسة الاحتواء والضغط التدريجي حتى لا يكون هناك احتمال أي صدام مع الجيش اللبناني، الذي أُوكلت إليه مهمة حساسة تتمثل في نزع السلاح المقاوم، لذلك يجد نفسه في موقع بالغ التعقيد. في مواجهة مباشرة مع حزب الله في الشارع قد تتحول بسرعة إلى نزاع أهلي واسع. وحتى الجيش نفسه الآن، تتسم مقاربته بالحذر، إذ يميل إلى تأجيل التنفيذ القسري والاكتفاء بالتخطيط وجمع المعلومات، تحسبًا لاندلاع اشتباكات دامية في حال تطبيق الخطة بالقوة قد تكون أحد أسباب إنقسام المؤسسة العسكرية. وخصوصاً أن شبح الحرب الأهلية بدأ يخيم على البلاد. في ظل وجود انقسامات سياسية وطائفية حادة، فإن احتمالات اندلاع حرب أهلية شاملة على غرار 1975–1990 تبقى منخفضة إلى متوسطة. هناك عدة عوامل تحدّ من الانزلاق الكامل، أبرزها تعب الشارع اللبناني من ويلات الحرب، وحرص معظم القوى السياسية على تجنب انهيار الدولة، إضافة إلى الضغوط الدولية والإقليمية الساعية للحفاظ على الحد الأدنى من الاستقرار. ومع ذلك، فإن أي سلسلة من الأحداث العنيفة مثل عمليات اقتحام أحياء أو اغتيالات سياسية قد تدفع الوضع نحو سيناريو أكثر خطورة.
من الناحية السياسية، تشكل القوى المسيحية السيادية المؤيدة لإسرائيل، وعلى رأسها حزب “القوات اللبنانية” وحزب “الكتائب”، إلى جانب أطراف سنية مرتبطة تاريخيًا بالفكر التكفيري يشكلون الجبهة الأكثر صراحة في معارضة سلاح حزب الله. إلا أن هذه القوى لا تمتلك حاليًا القدرة العسكرية الكافية لخوض مواجهة مسلحة مباشرة معه، وتعتمد في تحركاتها على الضغط السياسي والإعلامي. أما الدروز، فيحتفظون بقدرة تأثير محلية كبيرة، لكنهم ليسوا في موقع الطرف الأساسي لصدام مسلح واسع النطاق مع الحزب. وخصوصاً أن حسابات التدخل الإيراني في حال شُنَّت الحرب على المقاومه من الداخل ومن إسرائيل قائمة وبقوة.
لبنان اليوم يقف على خط فاصل بين ثلاثة سيناريوهات محتملة:
*إما التهدئة السياسية عبر الحوار وتأجيل تطبيق قرارات حساسة.
*وإما الصدام المحلي المحدود نتيجة احتكاكات في بعض المناطق.
*أو الانزلاق إلى مواجهة أوسع إذا تراكمت الأحداث العنيفة أو تداخلت مع حرب إقليمية. لذلك إن طريقة تعامل الحكومة والجيش مع خطة احتكار السلاح، ورد فعل حزب الله، سيكونان العاملين الحاسمين في تحديد مسار البلاد في الأشهر المقبلة. أما الإقليم، فيظل عنصرًا فاعلًا يمكن أن يحوّل أي توتر داخلي إلى صراع أكبر، خاصة إذا انفتحت جبهة الجنوب مع إسرائيل والتي يفضلها حزب الله على الدخول في أزقة لبنان وزواريبه الطائفية الضيقه.
بيروت في،، 11/8/2025