عنوان: في ذكرى استشهاد القائد إسماعيل هنية: صوت فلسطين الذي لا يموت

بقلم: محمد منصور
عنوان: في ذكرى استشهاد القائد إسماعيل هنية: صوت فلسطين الذي لا يموت

اليوم، ونحن نطوي صفحة أخرى من تقويم المقاومة، تمر علينا الذكرى السنوية لاستشهاد القائد الكبير إسماعيل هنية، أحد أبرز رموز النضال الفلسطيني، ورجلٌ حمل غزة في قلبه كما لم يحملها أحد. استُشهد جسدًا، لكنه بقي فكرة لا تموت، ورمزًا لا يُكسر، وصوتًا هادرًا يوقظ فينا حبّ الوطن، وصبر الصامدين، وعزيمة المنتصرين.

ولئن ودّعناه جسدًا، فإننا نستذكره على هدي قول الله تعالى:

> ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾
(آل عمران: 169)

هنية لم يكن مجرد قائد سياسي أو رئيس وزراء سابق، بل كان تجسيدًا حيًّا للإرادة الفلسطينية، يحمل في عينيه وجع الحصار، وفي صوته نغمة التكبير خلف خطوط المواجهة، وفي خطاه أثر الشهداء الذين سبقوه. وها هو اليوم يلتحق بهم، كما يليق بأمثاله، شامخًا، صامدًا، تاركًا خلفه وصيّة من نار لا تنطفئ.

وقد صدق فيه قول نبيّنا محمد ﷺ:

> “من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله”
– رواه البخاري ومسلم

لقد كان الشهيد إسماعيل هنية رجل المرحلة، رجلًا لا يساوم، ولا يفرّط، ولا يخشى في الحق لومة لائم. كانت بوصلته فلسطين، وكل فلسطين. رفض أن يكون جزءًا من مشهد سياسي مفرغ من القيم، فكان عنوانًا للثبات، وأبًا للشهداء، وأخًا للأسرى، وصوتًا للفقراء الذين رأوا فيه ملاذًا وأملاً.

يُذكرنا ثباته وثبات أمثاله من المجاهدين، بكلمات الصحابي الجليل عبد الله بن رواحة يوم مؤتة:

> “يا حبذا الجنة واقترابها، طيبة وبارد شرابها، والروم رومٌ قد دنا عذابها…”

وفي ذكرى استشهاده، لا نبكيه ضعفًا، بل نرثيه عزمًا. نقف على أطلاله لا لنندب، بل لنجدّد البيعة له ولكل من سلك درب الحرية من قبله. نستحضر مواقفه، كلماته، قراراته، وابتسامته التي كانت تحمل بين طيّاتها يقين المنتصر، حتى وهو في قلب المعركة، محاصرًا، ملاحقًا، لكنه أبدًا لم ينكسر.

وقد قال عنه من عرفوا دربه:

> “مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّـهَ عَلَيْهِ، فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ، وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ، وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا”
(الأحزاب: 23)

استشهاد هنية ليس نهاية، بل بداية لمرحلة جديدة من الصمود. لقد أثبت الاحتلال، مرّة أخرى، أنه لا يملك سوى لغة القتل، بينما نملك نحن لغة الحياة، لغة الحق، ولغة الإيمان بأن لنا وطنًا، وأن لنا حقًا، وأن الدم الذي يسيل على تراب غزة ليس عبثًا.

وكأن لسان حاله وهو يرتقي شهيدًا يقول كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:

> “نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فإن ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله.”

سلامٌ عليك يا أبا العبد، يوم وُلدت، ويوم حملت همّ القضية، ويوم ارتقيت شهيدًا. ستبقى فينا، في شوارع غزة، في مخيمات اللاجئين، في صيحات المآذن، في صرخات أطفالنا، في كل حجر وزيتونة، وفي كل أمّ شهيد.

> “ما من أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض من شيء إلا الشهيد، يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيُقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة.”
– حديث شريف

وعدًا، لن ننسى، ولن نغفر، ولن نساوم. فطريقك هو طريقنا، واستشهادك هو وقودنا، وإننا على العهد باقون.

الرحمة والخلود للشهيد القائد إسماعيل هنية، ولجميع شهداء فلسطين.

بقلم: محمد منصور
1 آب / أغسطس 2025

Leave a Reply