سلام على حماس العنيدة
عبد الله المجالي
تدرك حركة حماس أن الأمريكي ليس وسيطا نزيها، بل ليس وسيطا أصلا، بل شريكاً للكيان ووالغاً في دماء الفلسطينيين وحصارهم وتجويعهم في غزة.
وتدرك حماس حدود ومحدودية الوسطاء العرب، كما تدرك ميزان القوى في المنطقة المائل بشدة لصالح الكيان.
وتدرك أن العدو يستخدم أقذر الأسلحة ضد الشعب الفلسطيني في غزة ومنها سلاح التجويع والتعطيش.
وتدرك مدى الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني في غزة، ومدى الألم والتضحيات التي يقدمها، فهي جزء من هذا الشعب تتألم وتضحي وتجوع وتعطش.
وتدرك مدى الأمل الذي يعلقه أهالي غزة على المفاوضات أملا في إنهاء هذه الإبادة الجماعية.
وتدرك شعور أنصار المقاومة الذين يتمنون ويدعون لنجاح المفاوضات ووقف سفك الدم الفلسطيني ودخول المساعدات.
وتدرك أن الكيان وأمريكا يراوغان، وأن هدفهما هو فقط إطلاق الأسرى الصهاينة ثم العودة إلى الحرب بشكل أشد وأقسى ودون خطوط حمر يفرضها وجود أسرى بيد المقاومة.
وتدرك أن استسلامها لن يجلب الأمن والاستقرار لغزة، ولن يوقف القتل ويجلب المساعدات، بل سيكون كارثة على الشعب الفلسطيني في كل مكان، وسيكون كارثة على المنطقة وتتويجا للكيان سيدا عليها.
تدرك حماس أن استسلامها وابتعادها عن المشهد يفسح المجال لمخططات العدو بالتطهير العرقي وتجميع مليوني فلسطيني في مراكز اعتقال تمهيدا لتهجيرهم، وحينها لن يجرؤ أحد على الاعتراض.
تدرك أن العدو يرى حماس في كل غزة، ويرى في كل طفل أو جنين فلسطيني مشروع حماس، ولذلك فإنه حين يعلن أن هدفه القضاء على حماس فهو يقصد كل فلسطيني في قطاع غزة باستثناء ربما عشرة أو عشرين ألفا مستعدون للعمل خدما للعدو.
تدرك حماس أن ما يحدث في الضفة الغربية يكذب كل ادعاءات الصهيوني والأمريكي بأن هدفهم في غزة فقط هو القضاء على حركة حماس وفصائل المقاومة. ومن هنا تدرك أن العدو لا يكره حماس لأنها حماس فقط، بل يكرهها لأنها فلسطينية، فالعدو يكره الفلسطينيين، والفلسطيني الجيد عنده هو الفلسطيني الميت، أو العميل الخانع الذليل على كل حال على أن لا يكون عددهم كبير جدا ما يصعّب مهمة إدارتهم.
تدرك حماس مخاطر عدم التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار، لكنها تدرك أيضا أن لديها أوراق قوة على رأسها التوفيق الإلهي للمقاومة، فما يحدث في غزة من إنهاك واستنزاف للعدو يعدّ في المقاييس البشرية من المعجزات. وربما ما يراه المجاهدون في الميدان من العجائب يزيدهم ثقة بأن الله معهم، ويزيدهم ثقة بأن الذي يرمي هو الله وليس هم، ما يزيدهم إصرارا على المواجهة وقتال العدو.
تدرك حماس أنها في موقف صعب جدا، وأن عليها مسؤوليات كبيرة تجاه الوضع الإنساني الكارثي في غزة، وتدرك مدى حاجة الناس لوقف القتل، لكنها تريد وقفا نهائيا للقتل وليس مجرد استراحة، وتريد رفعا للحصار وليس تأبيد استخدام التجويع سلاحا، ولهذا فهي تبدي عنادا كبيرا كما يقول المبعوث الأمريكي لشؤون الرهائن، آدم بولر “حماس عنيدة جداً”.
فسلام على حماس العنيدة جدًّا.