التطرف الديني: آثاره المدمرة على العالم وكيفية مواجهته .

التطرف الديني: آثاره المدمرة على العالم وكيفية مواجهته .
الحاج خالد جبريل – أبو العمرين
26 يوليو 2025

رفاقي .. احبائي :
اخترت اليوم أن أحدثكم في عجالة ( لأن الاسهاب في هذا الموضوع طويل و متفرع و سوف يأخذ معنا صفحات من الكلمات و ساعات من القراءة) عن موضوع في منتهى الأهمية لما فيه من تداعيات سلبية و خطرة علينا و على أمتنا و العالم.. ألا و هو ((التطرف الدينــــي))…

التطرف الديني هو آفة تهدد السلم العالمي، وتُشوه صورة الأديان السمحة ، وتُفرق المجتمعات. وهو – كما عرّفه الباحثون – “تبنّي أفكار دينية متشددة ، ورفض كل الآراء المخالفة ، مما يقود إلى العنف والكراهية باسم الدين”. من خلال هذا المقال ، سنستعرض أمثلة تاريخية وحالية للتطرف ، آثاره الوخيمة، والحلول الناجعة لمواجهته .

لقد اخترت لكم أمثلة تاريخية وحالية على التطرف الديني لكي نستطيع ادراك فحوى مقالي بالطريق الصحيحة ،،،

١. التطرف في التاريخ المسيحي :

– محاكم التفتيش الإسبانية (القرن ١٣–١٩) : حيث أُحرق الآلاف بتهمة “الهرطقة” ، وعُذّب علماء مثل غاليليو لمجرد قولهم إن الأرض تدور حول الشمس .

– الحروب الصليبية (١٠٩٥–١٢٩١) : التي ذُبح فيها آلاف الأبرياء من مسلمين ويهود وحتى مسيحيي الشرق تحت شعار “تحرير الأرض المقدسة” .

– مجزرة سان بارتيليمي (١٥٧٢) : حيث قُتل عشرات الآلاف من البروتستانت الفرنسيين (الهوغونوت) على يد الكاثوليك بسبب الاختلاف المذهبي .

٢. التطرف في التاريخ الإسلامي :
– الخوارج (القرن ٧ الميلادي) : الذين كفّروا حتى الصحابة ، واغتالوا الإمام علي بن أبي طالب في محراب المسجد ..

– القرامطة (القرن ١٠ الميلادي) : الذين هاجموا مكة وسرقوا الحجر الأسود، وقتلوا الحجاج في مشهد وصمه المؤرخون بالهمجية .

– داعش (القرن ٢١) :التي مارست الإبادة الجماعية ضد الإيزيديين والمسيحيين ، ودمرت الآثار، وفتكت بالمسلمين أنفسهم تحت مزاعم “تطبيق الشريعة” .

٣. أمثلة معاصرة :
– هجمات نيوزيلندا (٢٠١٩) : حيث أطلق متطرف مسيحي النار على مصلّين مسلمين أثناء صلاتهم .

– العنف الطائفي في العراق وسوريا : حيث تحوّلت الخلافات المذهبية إلى حروب أهلية ذهب ضحيتها ملايين الأبرياء…

و هنا يجب علينا فهم الآثار السلبية للتطرف الديني بكافة أشكاله و مسمياته على المجتمعات والعالم :

١. تفكيك المجتمعات : كما حدث في سوريا واليمن ، حيث دمّرت الحروب الطائفية البنى التحتية والنسيج الاجتماعي .
٢. تشويه صورة الدين : يُصوَّر الإسلام – مثلاً – على أنه دين عنف بسبب أفعال داعش ، بينما جوهره يدعو للسلام…
٣. استغلال الشباب : تجنيدهم في صراعات دموية كما فعلت بوكو حرام في نيجيريا..
٤. تدمير التراث الإنساني : مثل تفجير تماثيل بوذا في أفغانستان من قبل طالبان (٢٠٠١) ، أو تدمير داعش لآثار نينوى…

لذا يجب علينا رفاقي أن نتعلم و نعرف كيف نواجه التطرف لتجنب أخطاره و تداعياته، من وجهة نظري ان الهطوات التالية كفيلة بالحد و المواجهة له:

١. التعليم والوعي :
– تصحيح المفاهيم الدينية عبر منابر العلماء المعتدلين .
– إدخال مناهج تعزز التفكير النقدي وتقبل الآخر في المدارس .

٢. العدالة الاجتماعية :
– مكافحة الفقر والبطالة ، إذ تُظهر الدراسات أن اليأس الاقتصادي يغذي التطرف . و اعتقد أن الأمثلة كثيرة جدا لكلامي و أن الكثير منا قد رآها بأم عينه، كنا نرى فلاناً- مثلاً- معروف في الحي أنه غير مثقف و أميّ غير متعلم، لا يملك خبرات علمية و لا يملك المال، يكاد لا يملك قوت يومه لولا مساعدة الغير، و عندما استقطبته (داعش) مثلا جاءنا بالسيارة الفرهة و “شوالات” الدولارات..

٣. الحوار بين الأديان :
– مبادرات مثل “ندوة العالم للأديان” في الإمارات تثبت أن التعايش ممكن .

٤. مواجهة خطاب الكراهية :
– تشريع قوانين تجرّم التحريض الديني ، كما فعلت ألمانيا بعد هجمات اليمين المتطرف…

٥. تمكين المرأة :
– لأن تهميشها باسم الدين يُغذّي التخلف ، كما حدث في أفغانستان تحت حكم طالبان مثلاً ، في نصف المجتمع أو أكثر و تلعب أدوارا اجتماعية و سياسية و اقتصادية لا تخفى على أحد..

و في الختام أصدقائي يجب علينا جميعا أن نعلم أنَّ الدين للرحمة ، لا للعنف ، و المغالاة في تنفيذ أوامر الدين يؤدي الى كوارث لا يُحمد عقباها .
و أنَّ التطرف الديني ليس حكراً على دين أو عصر ، بل هو انحراف عن الجوهر الروحي للأديان كافة الذي يدعو إلى السلام . المواجهة تبدأ بالفهم الصحيح للدين ، وببناء مجتمعات عادلة تُكرّم الإنسان بغضّ النظر عن دينه و معتقداته .
كما قال نبي الرحمة محمد ﷺ : «إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق» . فلنعمل معاً على تعزيز هذه المكارم ، ولنقطع الطريق على كل من يسعى إلى تخريب العالم باسم الدين .

والله من وراء القصد.

خالد جبريل ـ أبو العمرين
26 يوليو 2025
تم النشر https://awla-elqiblatain.news
@متابعين
@اشارة
@الجميع

Leave a Reply