إعادة تدوير أوسلو بزيارة قبر “حل الدولتين”!

إعادة تدوير أوسلو بزيارة قبر “حل الدولتين”!
عامان إلا القليل على حرب الإبادة الصهيونية الأميركية في غزة والتهويد في الضفة، خلالهما لم تكتفِ أوروبا الرسمية بالإشاحة بوجهها عن هول فظائعهما الهازَّة لضمائر العالم الغافية، بل شاركت بأشكال تعددت في ارتكاباتهما الوحشية، دعماً وتغطيةً وتزييفاً اعلامياً للحقائق، وتمويلاً وتسليحاً وجوسسةً وتقانة ومرتزقةً، وجسَّر نفاقها التليد مموِّهاً بين إشاحتها ومشاركتها.
وهنا قد يُقتضى التنويه بأننا عندما نتحدَّث عن أوروبا نعني الدول المتنفِّذة والفاعلة، أو صاحبة القول الفصل، بمعنى قاطرة مواقف الاتحاد الأوروبي، ومنهن فرنسا وألمانيا، ومعهن من خارجه بريطانيا، ونستثني دولاً كانت لها مواقفها المغايرة المعلنة والمعروفة ومنها، ايرلندا، واسبانيا، والنرويج، وسلوفينيا، وربما أخرى تطورت مواقفها إلى حد ما لاحقاً.
عامان وكان لوصول حرب الإبادة بمتوازيتي أعتى آلات الفتك ومتطورها وهمجية التجويع حد الموت خلالهما، وبالمقابل اسطورية صمود أهلنا الغزيين المذهل وتسطير ابطال المقاومة اسمى آيات الفداء والتضحية في مواجه العدوانية الصهيونية الأميركية، وكذا افتضاح استهدافاتها المجرمة وتعثرها، سبباً في مثل راهن هذه اليقظة المتأخرة للضمير الرسمي الغائب للقارة العجوز، أما دوافعها فحرج مبعثه افتضاح مشاركات حكوماته في الحرب الإبادية المجرمة وتحسُّب لما قد يترتب عليه، زد عليه قلقاً تستوجبه الحسابات الانتخابية، لا سيما وأن شرائح واسعة من شعوب القارة تتميز غضباً واشمئزازاً، ذلك بعد أن قشعت وسائل التواصل الاجتماعي بالصوت والصورة زيف ودجل الإعلام الغربي المزمن انحيازاً مسقطةً مصداقيته، ومعها إلى غير رجعة تابو الرواية الصهيونية.
في السابع من أكتوبر هبَّ زعماء هذه الحكومات للاطمئنان على “اسرائيلهم” المرعوبة ومداواة هشاشتها المُفتضحة بشتى أنواع الدعم وكل ما عنى المشاركة المباشرة وغير المباشرة في حربها الإبادية فيما بعد، وهو ما أشرنا إليه بدايةً، والآن، وقد بات العالم اتجاهها غير العالم، ها هم يهبُّون لحمايتها من نفسها ولنأخذ من الأمثلة ثلاثاً:
أولاها، مؤتمر مؤتمر ماكرون وشركاه السعوديين الدولي لإعادة تدوير المرحومة أوسلو عبر المسمَّى “حل الدولتين”، أو نبش قبر هذا الموهوم المحبب للأوسلويين والنفخ في سور موميائه إن أمكن بعد أن طحن عظامه الاستيطان وذراها سموتريتش، وعليه، رفع الديك الفرنسي الباحث عن دور، أو عن تلة، وحتى مزبلةً، يصيح من فوقها، بيارق الاعتراف بدولة فلسطين الافتراضية، طارحاً اشتراطاته لهذا الاعتراف وأولها نزع سلاح المقاومة، أو ما يعني تصفية القضية الفلسطينية.. مؤتمر ماكرون أدان النضال الوطني الفلسطيني في بيانه الختامي واصفاً إياه بالإرهاب في حين وصف الأسرى الصهاينة بالرهائن!
الثانية، وعد استرايمر بالاعتراف بدولة فلسطين مع توكيده على اشتراطات ماكرون، وزاد من عنده اشتراطاً مضافاً وهو أن يتم في حالة عدم موافقة نتنياهو على هدنة طويلة الأجل!
والثالثة، حذر هولندا السماح بدخول سموتريتش وبن غفير أراضيها، أي معاقبة مستوطنين اثنين والتغافل عن الاستيطان وسبعمئة وخمسين الف مستوطن، والاستثمار في المستوطنات، أو ذات معايير إدانة المجاعة مع محاولة غض الطرف عن الإبادة، أو هذه التي تمت مشاركتهم بشكل أو بآخر فيها، واستطراداً، إدانة المجاعة دون إدانة مرتكب التجويع!
.. مشكلة الغرب وصهاينته وعربة أنه، أما ولم تعد القضية الفلسطينية القضية المركزية للأنظمة العربية، فقد باتت اليوم قضية القضايا وبوصلة الانعتاق وطوق النجاة في معركة وجود لأمة مُحتلة من المحيط إلى الخليج، وزادت غزة فطوبتها قضيةً لهذا العالم.
بقلم : عبد اللطيف مهنا

Leave a Reply